إضاءة :
صوت يعلو ..
صراخ دائم ..
أوامر تُنفذ ..
لا يسمع إلا صوته فقط ومن خلال نغمة أمر ..
وكأن أصوات البقية لا وجود لها ..
تواصل وتفاعل ، أساس الحضارة والتقدم ..
تسمو بها النفوس وتقضى على كثير من المسببات
تبقى حديث يدور ، وعمل يعوم ..
جسر يوصلك إلى بعيد ، وشعاع يحملك إلى قريب ..
تعبر القلوب وتهتم بالنفوس..
أفق يرسم لغة
واقع يسطر حلول ..
حاجتنا لها ماسة ..
واستخدمنا لها حاسمة ..
ربما تزيل بعض الغموض ..
ونعبر الواقع المرسوم ..
ونكتب نهاية السطور ..
فالمشاكل ومن خلال غيابه تطغى ، وألم تبقى ..
فضيلة غائبة ، وسبب عائم ...
تعج البيوت العربية بالأخص بسبب غيابها وتفقد الأسرة تواصلها ..
غابت فعانت البيوت ..
اختفت فبقيت المشاكل حاضرة ..
سلاح فعال من أقوى وأهم الأسلحة لأنها تعتمد على القناعة الذاتية والمقدرة الفعلية ..
والمفتاح السحري ..
من خلالها يمكن أن نعبر عن أفكارنا
تجاربنا ..
خبراتنا ..
مشاكلنا ..
طموحنا ..
فاهتم الإسلام بها اهتماماً كبيراً، وذلك لأن الإسلام يرى بأن الطبيعة الإنسانية ميالة بطبعها وفطرتها إليه..
فالحاجة ملحة ..
غيابها يثمل أزمة حقيقة ..
نحن بحاجة يا سادة إليها
أنه الحوار ..
اللغة القائمة والحقيقة الغائبة ..
فالحوار لفظ شائع ومصطلح دارج ..
فالحوار كتعريف ورد في لسان العرب : الحوار والمحاورة مصدر حاور يحاور، ومعناه لغة الجواب والمجادلة، قال ابن منظور: "وهم يتحاورون؛ أي يتراجعون الكلام، والمحاورة مراجعة المنطق والكلام في المخاطبة، والمحورة من المحاورة مصدر كالمشورة من المشاورة ..
الحوار لغة: من الحوار ، وهو الرجوع.
ويتحاورون: أي يتراجعون الكلام.
اصطلاحاً: مراجعة الكلام وتداوله بين طرفين مختلفين
فالإسلام اهتم بالحوار أو الجدال كما يطلق عليه القرآن الكريم في وصفه للإنسان : (وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا
) سورة الكهف أية 18 بل إن صفة الحوار ، أو الجدال لدى الإنسان في نظر الإسلام تمتد حتى إلى ما بعد الموت، إلى يوم الحساب كما يخبرنا القرآن الكريم في قوله تعالى: (يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا) سورة النحل آية 111
نماذج حية من صور حوارية :
حوار الملائكة مع ربهم سبحانه وتعالى.
(وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ) (البقرة:30) .
* حوار الله سبحانه وتعالى مع الأنبياء والرسل. مثلا / ( وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ) (المائدة:116)
* حوار الله سبحانه وتعالى مع إبليس.(قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ)(لأعراف:12)
* حوار الأنبياء مع أهليهم (وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ * قَالَ سَآوي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ) (هود:43)
* حوار أهل الجنة والنار (وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ) (لأعراف:50)
ذكر الباقلاني، والسكوني، والشاطبي، وغيرهم، أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه بعث ابن عباس رضي الله عنهما إلى الخوارج المسمين بالحرورية، فذهب إليهم ابن عباس رضي الله عنه، وعليه حلة جميلة، فلما أقبل، قالوا له: يا ابن عباس، ما الذي جاء بك؟ وما هذه الثياب التي عليك؟
- فقال: أما الثياب التي عليَّ، فما تنقمون مني؟ فوالله، لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وعليه حلة ليس أحد أحسن منه، ثم تلا عليهم قوله تعالى: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَات منَ الرِّزْق قُلْ هِيَ للَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالصَةً يَوْمَ الْقيَامَةِ) [الأعراف:32].
- قالوا: ما الذي جاء بك يا ابن عباس؟
- قال: جئتكم من عند أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وليس فيكم أنتم يا معشر الخوارج واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وجئتكم من عند ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم -يعني: علي بن أبي طالب-، وعليهم نزل القرآن، وهم أعلم بتأويله، جئت لأبلغكم عنهم، وأبلغهم عنكم، فأنا رسول -أي وسيط- بينكم وبينهم.
- قال بعضهم: لا تحاوروا ابن عباس، لا تخاصموه، فإن الله تعالى يقول عن قريش: (بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ) [الزخرف:58]، فلما خافوا من الهزيمة قالوا: اتركوا هذا، هذا جدل إنسان خَصِم! وقال بعضهم: بل نكلمه، ولننظر ماذا يقول؟
- قال ابن عباس رضي الله عنه: فكلمني منهم اثنان أو ثلاثة، فقال لهم: ماذا تنقمون على علي بن أبي طالب رضي الله عنه؟
- قالوا: ننقم عليه ثلاثة أمور.
- قال: هاتوا.
- قالوا: الأول: أن علي بن أبي طالب حكَّم الرجال في كتاب الله، يعني: بعث حكمًا منه، وحكمًا من معاوية رضي الله عنه، وقصة التحكيم معروفة والله تعالى يقول: (إِنِ الْحُكْمُ إلا لِلَّهِ) [الأنعام:57].
- قال: هذه واحدة فما الثانية؟
- قالوا: الثانية: أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قاتل ولم يسْبِ، -أي قاتلهم وما سبى نساءهم-، فلئن كانوا مسلمين فقتاله حرام، ولئن كانوا كفارًا فلماذا لم يسبهم؟
- قال: وهذه أخرى، فما الثالثة؟
- قالوا: الثالثة: أنه نزع نفسه من إمرة المؤمنين لمـَّا كتب الكتاب، فلم يكتب أمير المؤمنين؛ بل قال: علي بن أبي طالب. - قال: أوقد فرغتم؟
- قالوا: نعم.
- قال: أما الأولى: فقولكم: حكَّم الرجال في كتاب الله تعالى، فإن الله تعالى يقول في محكم التنـزيل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ) [المائدة:95]، فذكر الله تعالى حكم ذَوَيْ عدل فيما قتله الإنسان من الصيد، سألتكم الله تعالى! التحكيم في دماء المسلمين وأموالهم أعظم، أم التحكيم فيما قتله الإنسان من الصيد؟
- قالوا: لا؛ بل التحكيم في دماء المسلمين وأموالهم أعظم.
- قال: فإن الله تعالى يقول في كتابه: (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا) [النساء:35]، ناشدتكم الله تعالى! التحكيم في دماء المسلمين وأموالهم أهم، أو التحكيم في بُضع امرأة؟
- قالوا: لا، التحكيم في دماء المسلمين وأموالهم.
- قال: انتهت الأولى؟
- قالوا: نعم، فالثانية؟
- قال: أما الثانية، فقولكم: قاتل ولم يسْبِ، هل تسْبون أمكم عائشة رضي الله عنها -لأنها كانت في الطرف الآخر-، وتستحلون منها ما يستحل الرجال من النساء، إن قلتم ذلك كفرتم، وإن قلتم ليست بأمِّنا كفرتم -أيضًا-؛ لأنها أم المؤمنين، فاستحيوا من ذلك وخجلوا.
- قالوا: فالثالثة؟
- قال: أما قولكم: خلع نفسه من إمارة المؤمنين، وإذا لم يكن أمير المؤمنين فهو أمير الكافرين، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما عقد كتاب الصلح مع أبي سفيان وسهيل بن عمرو في صلح الحديبية، قال: "اكتب: هذا ما صالح عليه محمد رسول الله" قالوا: لو نعلم أنك رسول الله ما قاتلناك، اكتب اسمك واسم أبيك، فمحا النبي صلى الله عليه وسلم الكتابة، وقال: "اكتب: هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله
فرجع منهم عن مذهب الخوارج ألفان، وبقيت بقيتهم، فقاتلهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه
فانظر كيف أثَّر الحوار الهادئ القوي العميق في مثل هذه الرؤوس اليابسة الناشفة، حتى رجع منهم ألفان إلى مذهب أهل السنة والجماعة في مجلس واحد لم يستغرق ربع ساعة
وصور مختلفة لنماذج حوارية كانت ولازالت مثال حاضر ونبراس باقي ، فلما لا نبحر في عبق الماضي ونستمد دروس الحاضر لنرتقي نحو الأفضل نسمو بأنفسنا ونطبق النماذج المضيئة والدروس الحاضرة في حياتنا .. فاليوم الحاجة ملحة لتطبيق تلك الدروس لنسير ونعبر واقعنا المرير بكل تفاصيله المختلفة ..
^^ غياب حوار ومشاكل مترتبة ^^
فعندما يغيب الحوار تطغى المشاكل .. تتفكك البيوت .. تعيش في دوامة المشاكل والصراع المتجدد .. فقد ذكر الأستاذ جاسم المطوع : أن 85 % من المشاكل سببها انعدام الحوار مع الآخر..
ويؤكد ألاختصاصي النفسي وليد الزهراني قوله "إن أغلب رواد العيادات النفسية، الذين يعانون من مشاكل أسرية، تغيب داخل أسوار منازلهم لغة التفاهم والحوار، وتظل المشاكل معلقة لا يفتحها أحد، مما يترتب عليها مشاكل أكبر وأعمق". على حسب ما ورد في صحيفة الشرق الأوسط
^^ غياب الحوار يؤدي إلى الطلاق ^^
أشارت وكيلة شؤون الطالبات بجامعة الملك عبدالعزيز رئيسة لجنة التوعية الأستاذة في قسم الدراسات الإسلامية الدكتورة سامية بخاري إلى ارتفاع نسب الطلاق في الدول الخليجية إلى 38% بسبب غياب الحوار بين الزوجين موقع أمان للدراسات
ان غياب الحوار الأسري يفقد أطفال الأسرة الترابط ويجعلهم وسط خبرات ضعيفة لا تساعدهم على اكتساب مهارات الحياة او التعايش بأمان ولن يتمكنوا من الإفصاح عن مشاكلهم او ما يواجهونه في الشارع والمدرسة والمجتمع. وهنا أرى ان كل مشكلة لها صلة بالسلوك الأخلاقي سببها الحوار المفقود داخل البيوت بسبب هذا التمزق الأسري لهذا اقتربوا من أولادكم،
صحيفة عكاظ ..
&& أقوال مرصعة && :
من استبد برأيه هلك ومن شاور الناس شاركها في عقولها " الإمام علي "
"إن الحوار يكون -أحيانًا- أقوى من الأسلحة العسكرية كلها؛ لأنه يعتمد على القناعات الداخلية الذاتية؛ بل ربما أفلح الحوار فيما لا تفلح فيه الحروب الطاحنة."
الشيخ/ سلمان بن فهد العودة
المشرف العام على موقع الإسلام اليوم
ما حاورت أحدًا إلا وتمنيت أن يكون الحق إلى جانبه
[الإمام الشافعي]
فهل نشرع قلوبنا للحوار ؟
ونوطن أنفسنا على التفاهم ومد جسور التواصل بلغة الحوار ؟
هل نترك مساحة للآخرين للتعبير والمشاركة أم نقف على خط الزمان ولا نسمع سوى أصواتنا ؟