الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
حث النبي صلى الله عليه وسلم فقال : "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج... " وهذا الهدي الإسلامي الراشد له أهداف بعيدة وله فوائد كبيرة على الفرد والمجتمع.
.
حث على الزواج في سن مبكرة وشجع الناس على مباركته وإتمامه ما داموا يستطيعون الإنفاق والباءة، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والمقصود بالباءة القدرة على الإنفاق والإعاشة، وفي هذا الحديث الشريف إشارة واضحة إلى أن المطلوب من الشاب فقط قدرته على فتح بيته بقدر ما يستطيع من توفير المأكل والمشرب والملبس لأهل بيته، فالشرط هو استطاعة الباءة وما غير ذلك يعتبر تعويقاً ومغالاة..
وقديما كانت ظاهرة الزواج المبكر سائدة في المجتمع وقد جنت ثمار هذا عفافاً وصلاحاً وتقى والتزاماً وتكاثراً أيضاً.
وقد كان من أثر تمسك هؤلاء الأوائل بدينهم أن أدركوا كل ما يتعلق بهذا الدين في مختلف نواحي الحياة الدنيوية والأخروية ، فكان مما أدركوا من الناحية الدنيوية دور الزواج في تأمين سعادة الفرد والمجتمع ، وتكون سعادة الفرد في إشباع الشهوة عن طريق الحلال و في الحصول على السكن والمودة ، كما تكون سعادة المجتمع في استمرار النسل وبقاء النوع البشري ، وفي حفظ أمن المجتمع من التعديات وخلط الأنساب ونشر الأمراض والجرائم ، التي حذر منها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله :" إذا أتاكم من تَرْضَوْنَ خلقه ودينه فزوجوه ، إن لا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض " رواه الترمذي
ونتيجة للظروف والمتغيرات العالمية سواء كانت ثقافية أو فكرية أو اقتصادية أو اجتماعية تفشت ظاهرة دخيلة على الأمة الإسلامية أصابت المجتمع بالعديد من المشكلات الاجتماعية الخطيرة.
إن تفشي ظاهرة الإحجام عن الزواج بين الشباب ينذر بظهور العديد من المشكلات والأمراض الاجتماعية والنفسية والأمنية الخطيرة التي لا تتسق ومبادئ المجتمع الدينية والأخلاقية.
لذا ننصح بضرورة توعية الجميع بأوامر الشريعة وتنبيه الجميع لهذه الأخطار إحياء للقيم الإسلامية الأصيلة المتعلقة بمسائل الزواج وشروطه حتى يتعرف المجتمع على أصول دينه التي تنهى عن التأخر في الزواج وعن المغالاة في المهور أو وضع عقبات في طريق إتمام الزواج أو تعويقه، لأن الدين الإسلامي الحنيف حث على الزواج في سن مبكرة ودعا المسلمين إلى التيسير وعدم المغالاة في المهور حيث إنه وضع اعتبار حسن الدين والخلق هو الشرط الأول والأهم في إتمام الزواج، يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه ".
هذا دليل على أن حسن الدين والخلق هو الشرط الأساسي لإتمام عمليه الزواج بعيداً عن المغالاة في المهور والهدايا والأمور الأخرى التي نشاهدها اليوم.
أن مسألة المهر هذه رمزية في الإسلام، والمقصود بها أن يهادي الشاب عروسه بهدية أياً كانت قيمتها، فالهدية رمز للمحبة والتواد وليست رمزاً للتفاخر والمغالاة كما يجري اليوم. وتبعاً لهذه الأمور التي ذكرتها يحصل التأخر عن الزواج ويحصل ما يسمى بالعوانس وكل هذا يترك مشاكل اجتماعية كبرى تحاشاها الإسلام بهديه، ويتجلى هذا في فعل الرسول صلى الله عليه وسلم حيث اعتمد مهرا للعروس سورة من القرآن الكريم عندما لم يجد المتقدم للزواج مالاً مما يعني أن مسألة المهر هذه رمزية في الإسلام ...
إن تيسير عملية الزواج من قبل أولياء أمور الفتيات سيشجع الشباب على الزواج وتحل مشكلة الاثنين معاً، لأنه في مجتمعنا المسلم يتمنى الآباء دائماً تزويج بناتهم بالدرجة الأولى حتى إذا لم يتزوج الابن، لأن الشاب يستطيع أن يعول نفسه ويتحمل مسؤولياته، أما الفتاة فلا تستطيع ذلك، لذلك فيجب تيسير عملية الزواج أمام الشباب حتى تحل المشكلة للطرفين معاً ويستقيم المجتمع المسلم في حياة سليمة كما أرادها الإسلام.
وحقيقة المشكلة هي من صنع البشر أنفسهم وليست غير ذلك كما يدعي البعض، ولكنها "خير من الله شر من أنفسكم " فالإسلام يسر لا عسر، بينما الناس هم المعسرون والمعوقون على أنفسهم بما ابتدعوا من بدع لا تمت لروح الإسلام بصلة سواء كانت عادات وتقاليد جلبت من الخارج. أو أعرافا ولوازم ابتدعت من الداخل...
أمثلة للعبرة والعظة :
جاءت السنة المطهرة فأكدت فكرة عرض الرجل ابنته على الرجل الصالح ..
مثال لأب حريص على ابنته
- زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب رضي الله عنه و كان فقيراً ورغم ذلك زوجه رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم من ابنته الزهراء، وكانت لا توقد في بيتها النار ثلاث ليال لعدم وجود ما تطهوه، فهل قلل هذا من قيمتها أو من قيمة علي رضي الله عنه.
- إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين تأيمت حفصة بنت عمر من خنيس بن حذافة السهمي وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوفي بالمدينة فقال عمر بن الخطاب أتيت عثمان فعرضت عليه حفصة فقال سأنظر في أمري ، فلبثت ليالي ثم لقيني فقال قد بدا لي أن لا أتزوج يومي هذا ، قال عمر فلقيت أبا بكر الصديق فقلت له إن شئت زودتك حفصة بنت عمر ؟ فصمت أبو بكر فلم يرجع إليّ شيئاً وكنت أوجد عليه مني على عثمان ، فلبثت ليالي ثم خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنكحتها إياه فلقيني أبو بكر فقال لعللك وجدت علي حين عرضت عليّ حفصة فلم أرجع إليك فيما عرضت علي إلا أني كنت علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرها فلم أكن أفشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولو تركها رسول الله صلى الله عليه وسلم لقبلتها ) . رواه البخاري .
- عرض نبي الله شعيب ابنته على موسى عليه السلام في قوله تعالى :
(( قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِندِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ ))27 سورة القصص آية 27
فصاحب مدين يعرض ابنته على موسى عليه السلام ، وقد جاء غريباً مهاجراً ولم يتحرج من هذا العرض ، ولم يشترط في موسى أن يكون من قومه أو وطنه أو جلدته وإنما اكتفى بشرط هو الدين والخلق والكفاءة .
فهل نجد الآن من يتصدى لظاهرة العنوسة ويواجهها بهذه السنة الغائبة والمستغربة عند كثير من الناس !!!!!!!
هكذا ينبغي أن يكون الآباء ولكم في رسول الله قدوة حسنة
وهذه قصص أذكرها للعبرة والعظة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد
* وهذه قصة فتاة ذكرها أحد المشايخ الفضلاء يقول
هناك امرأة وصل سنها إلى الأربعين ولم تتزوج بعد، وكلما أتاها الخطاب رفض والدها تزويجها، فأصابها بسبب ذلك من الهم والغم والحزن ما الله به عليم، وأصبحت لا ترى إلا بوجه حزين، وأصابها من جراء ذلك مرض نقلت على أثره إلى المستشفى
فأتاها والدها لكي يزورها ويطمئن على صحتها، فقالت له: اقترب مني يا أبي، فاقترب منها، فقالت له اقترب، فاقترب منها أكثر فقالت له: قل آمين، فقال: آمين، فقالت له: قل آمين، فقال: آمين، فقالت له قل آمين، فقال: آمين، فقالت: حرمك الله الجنة كما حرمتني من الزواج، ثم توفيت بعد ذلك رحمها الله .
* هذه قصة امرأة عانس تروي قصتها بألم وحسرة تقول
كنت في الخامسة عشر من عمري، وكان الخطاب يتقدمون إلي من كل حدب وصوب، وكنت أرفض بحجة أنني أريد أن أصبح طبيبة، ثم دخلت الجامعة وكنت أرفض الزواج بحجة أنني أريد ارتداء معطف أبيض على جسمي، حتى وصلت إلى سن الثلاثين، وأصبح الذين يتقدمون إلي هم من فئة المتزوجين وأنا أرفض وأقول: بعد هذا التعب والسهو أتزوج إنساناً متزوجاً، كيف يكون ذلك، عندي المال والنسب والشهادة العليا وأتزوج شخصاً متزوجاً
ووصلت هذه المرأة بعدها إلى سن الخامسة والأربعين وصارت تقول: أعطوني ولو نصف زوج
* وهذه قصة فتاة لم تحلل أباها وهو يحتضر
هو يموت وهي لا ترضى أن تسامحه، لأنه منعها حقها الشرعي في الزواج والاستقرار والإنجاب وإحصان الفرج بحجج واهية، هذا طويل.. وهذا قصير..، وهذا ليس من مستوانا، وغير ذلك من اعتراضات حتى كبرت البنت، وتعداها الزواج
فلما حضرت أباها الوفاة طلب منها أن تحلله فقالت: لا أحلك، لما سببته لي من حسرة وندامة وحرمتني حقي في الحياة
ماذا أعمل بشهادات أعلقها على جدران منزل لا يجري بين جدرانه طفل؟
ماذا أفعل بشهادة ومنصب أنام معهما في السرير؟
لم أرضع طفلاً؟ لم أضمه إلى صدري، لم أشكو همي إلى رجل أحبه وأوده ويحبني ويودني، حبه ليس كحبك؟ مودته ليست كمودتك؟ فاذهب عني واللقاء يوم القيامة بين يدي عدل لا يظلم، حكم لا يهضم حق أحد، ولكن عليك غضبي، لن أترحم عليك ولن أرضى عنك حتى موعد اللقاء بين يدي الحاكم العليم
* يقول شيخ كبير تجاوز السبعين، وعمله تأجير البيوت
دخلنا بيوتاً فيها نساء أبكار، في الستين والسبعين، يشتمن المجتمع والأقارب ويلعن من كان السبب في بقائهن عوانس إلى هذا السن، فهن لا يجدن من يقدم لهن الطعام والشراب، لا يجدن من يقدم لهن الدواء، لا يستطعن قضاء حوائجهن بسهولة ويسر، الآباء غير موجودين، وإن وجدوا فهم كبار، وكذلك الأمهات والأخوة مشغولون بأنفسهم، كل واحد بزوجته وأبنائه، والأخوات مشغولات بأزواجهن وبناتهن
* يروي هذه القصة أحد المشايخ الفضلاء ويقول
طبيبة تصرخ وتقول: خذوا شهاداتي وأعطوني زوجاً، تقول: السابعة من صباح كل يوم وقت يستفزني، يستمطر أدمعي لماذا؟! أركب خلف السائق متوجهة إلى عيادتي، بل إلى مدفني، بل زنزانتي
ثم تقول: أجد النساء بأطفالهن ينتظرنني وينظرن إلى معطفي الأبيض وكأنه بردة حرير فارسية، وهو في نظري لباس حداد علي
ثم تواصل قولها: أدخل عيادتي، أتقلد سماعتي وكأنها حبل مشنقة يلتف حول عنقي، العقد الثالث يستعد الآن لإكمال التفافه حول عنقي، والتشاؤم ينتابني على المستقبل
ثم تصرخ وتقول: خذوا شهاداتي ومعاطفي وكل مراجعي وجالب السعادة الزائفة (تعني المال) واسمعوني كلمة ماما