نشرت صحيفة "كومرسانت" الروسية في 13 أبريل/نيسان الجاري مقالا تحت هذا العنوان.
تنتهي تركمانيا يوم 13 أبريل/نيسان من إصلاح خط انابيب الغاز " آسيا الوسطى – وسط روسيا". ولا يعني ذلك ان نقل الغاز عبره سيستعاد تماما، علما ان خفض مشتريات الغاز التركماني من قبل روسيا بنسبة 90% لا يزال قائما. وقد وصفت تركمانيا هذا الوضع بانه خرق سافر للاتفاقية المعقودة بين الطرفين. وقد يصل هذا النزاع مستواه الاعلى بعد مرور 10 أيام في عشق اباد حيث سيعقد مؤتمر أمن ترانزيت موارد الطاقة ثم في براغ أثناء مؤتمر حول خط انابيب الغاز " نابوكو".
وقد اعلنت الحكومة التركمانية انها تنتهي في يوم 13 أبريل نيسان من تنفيذ عملية الاصلاح في خط أنابيب الغاز " آسيا الوسطى – وسط روسيا -4 " الذي يمر الغاز عبره الى روسيا عن طريق اوزبكستان وكازخستان. وقد وقع يوم 9 أبريل/نيسان انفجار في خط أنابيب الغاز التركماني
" دافليتوباد – درياليك" المار بالقرب من الحدود الاوزبيكية، مما أدى الى وقف توريدات الغاز التركماني الى روسيا.
وتعترف كل من تركمانيا وروسيا بان ضغط الغاز الزائد الواقع في الانبوب يرجح ان تسبب في حادثة نجمت عن تخفيض شركة " غازبروم" لاستهلاك الغاز التركماني بنسبة 90% وكانت قد حذرت شركة " غازبروم" تركمانيا ودول الترانزيت من هذا الامر قبل يوم فقط من وقوع الحادث.وكانت اوزبكستان وكازاخستان قد اعدت نفسيهما لانخفاض الضغط في الانبوب، لكن تركمانيا لم ترد تفعل ذلك. ثم جاء نبأ آخر أجّل مناقشة اسباب ما حدث، وهو حرمان تركمانيا من عائدات التصدير الرئيسية بسبب تخفيض شركة " غازبروم" لمشترياتها للغاز بنسبة 90%. ولو تمت اليوم استعادة نقل الغاز عبر الانبوب فان شركة " غازبروم" ترفض الاشارة الى مدة سريان مفعول الحد من استهلاك الغاز.
وتعد تركمانيا من أكبر موردات غاز آسيا الوسطى لشركة " غازبروم". وبحسب المعلومات الواردة من وزارة الخارجية التركمانية فان شركة "تركمان غاز" التركمانية صدّرت عام 2008 ما يزيد عن 47 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي من مجمل 70.5 مليار متر مكعب المستخرجة. وتعتزم تركمانيا ان تستخرج عام 2009 ما يزيد عن 75 مليار متر مكعب من الغاز الذي كانت تعول على تصدير 51 مليار متر مكعب منه.
وينقل موقع الانترنت "turkmenstan.ru" عن الناطق الرسمي باسم الخارجية التركمانية قولها انها كانت قد وصفت يوم 9 أبريل/نيسان الجاري تصرف شركة " غازبروم" بانه خرق سافر وحيد الجانب لشروط اتفاقية شراء وبيع الغاز. الا انه لم يوضع النزاع قيد الواقع العلني ولو توفر المجال لذلك، وهو اجتماع وزراء خارجية رابطة الدول المستقلة الذي حضره وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف. وكان لافروف قد التقى عشية الاجتماع برئيس تركمانيا قربان قولي بيردي محمدوف . وكان كل منهما يصوران قبل وبعد الاجتماع كأن العلاقات بين البلدين خالية من المشاكل. واعترف مصدر ل "كومرسانت" في الوفد الروسي ان موضوع وقوع انفجار في انبوب الغاز قد نوقش وتأثر الجانب التركماني بالموقف الروسي.. لكن وزير الخارجية الروسي صرح في أعقاب المباحثات لمراسل صحيفة "كومرسانت" بان الطرفين وصلا في نهاية المطاف الى اتفاق. وبحسب قول الوزير فان الحادث في خط انابيب الغاز يعد امرا تقنيا. وسيتم التحقيق فيه من قبل الخبراء في شركتي "غازبروم" و"تركمان غاز". وأفاد المصدر في الوفد الروسي بانه قد نوقشت في أثناء المباحثات الثنائية مع الرئيس قربان قولي بيردي محمدوف موضوع خط انابيب الغاز " الشرق- الغرب" الذي تواجه مشاكل بشأنه كل من موسكو وعشق اباد ، اذ ان موسكو غير جاهزة للبدء في إنشائه ما لم تقدم تركمانيا ضمانات ان هذا الانبوب لن يتحول الى قسم من خط انابيب الغاز العابر لبحر قزوين غير المقبول لموسكو.
الا ان النقاش لم يوضع موضع العمل. وقد اعلن الرئيس التركماني قربان قولي بيردي محمدوف في كلمته اثناء افتتاح الاجتماع قائلا: " ان تركمانيا تقترح المباشرة في الحوار الدولي المفتوح بغية التنسيق بين المواقف في سوق الطاقة وأعتماد آليات قانونية دولية وحماية البنية التحتية لارساليات الطاقة". ولم يطرح بعد موضوع الغاز في الاجتماع. كما لم يذكر وزيرا الخارجية التركماني والروسي رشيد مرادوف وسيرغي لافروف مسألة الغاز ولو بكلمة واحدة. وندد الوزيران بدلا من ذلك بالاجماع الاحداث في مولدافيا.
وقد اوفدت شركة " غازبروم" الى تركمانيا نائب مجلس ادارة الشركة فاليري غولوبييف الذى كان قد عاد الى موسكو يوم 10 أبريل/نيسان الجاري والذي تخلى عن التعاون مع الصحافيين الذين التقوا به صدفة في مطار عشق آباد. فيما يعد الحد من مشتريات الغاز التركماني من قبل شركة " غازبروم" لمدة طويلة منذراً بعواقب وخيمة. وحتى لو تجاهلنا فقدان الاموال الناجمة عن بيع الغاز الى الخارج فان تركمانيا لن تجد مكانا تضخ فيه ما تبقى من الغاز.
ويوضح فاليري نيستيروف المحلل السياسي في شركة " ترويكا ديالوج" ان تركمانيا لا تمتلك مستودعات للغاز. فلذلك لن يبقى لها سوى ان تخفض استخراج الغاز، .. ويقول المحلل السياسي انه " يمكن تجميد الاستخراج في آبارما بشكل مؤقت. وعلى كل حال فان القرار يجب ان يتخذ بخصوص آبار بعينها. ويضيف فيتالي كريوكوف ممثل شركة "كابيتال" الى ان ايقاف آبار الغاز يعد أمرا أبسط مما هو عليه في آبار النفط. لكن هذه العملية ترافقها أخطار كبيرة تهدد بتدني مواصفات الاستخراج.
على ضوء انخفاض الطلب على الغاز فان الوقف الفعلي لتوريدات الغاز من تركمانيا يعد خطوة مبررة من جانب شركة " غازبروم". و يخصص هذا الغاز من حيث الشكل لاوكرانيا التي خفضت من استهلاكها بمقدار ضعف، الامر الذي يتسبب في تكبد خسائر بالنسبة لشركة " غازبروم". والجدير بالذكر ان الربع الثاني من العام الجاري سيشهد بالنسبة لاوكرانيا سعر 270 دولار لالف متر مكعب. ولا يكشف رسميا عن سعر الغاز الذي يتم شراؤه في تركمانيا. وكان رئيس الوزراء فلاديمير بوتين قد اشار مرة واحدة الى ان سعر الغاز التركماني في شهر يناير بلغ قيمة 340 دولار لألف متر مكعب. وانخفض هذا السعر بحسب المعلومات غير الرسمية الى قيمة 300 دولار لألف متر مكعب، والذي يعد سعرا خاسرا ايضا لشركة " غازبروم"
ومن جهة اخرى فان الاتفاقية مع تركمانيا وامكان اقامة السيطرة التامة جراءها على تصدير الغاز من هذا البلد تعد هامة استراتيجيا بالنسبة لروسيا. والدليل على ذلك هو غياب اي تفسير بهذا الشأن من الجانب الروسي. ويظن فاليري نيستيروف ان شركة " غازبروم" تنتظر انخفاض السعر للغاز التركماني.
وزد على ذلك، فان انخفاض مشتريات الغاز التركماني بنسبة 90% بحسب رأي المحلل السياسي نجم عن خلل تكنولوجي ما. اما الخفض الواقعي فستكون قيمته أقل بكثير. والدليل غير المباشر على ذلك تبرؤ شركة " غازبروم" من تصريح أدلت به في 9 أبريل/نيسان شركة "غازبروم اكسبورت" حيث أكدت انها كانت تقترح مخططا آخر للخفض من ارساليات الغاز ، لكن تركمانيا لم تستعن به. ويضيف فيتالي كريوكوف الى ان اتفاقية شركة " غازبروم" مع تركمانيا مماثلة لاتفاقيات اوروبية تقتضي عدم شراء نسبة 20% من الارساليات دون ان تدفع غرامات. والجدير بالذكر ان شركة " غازبروم" ذاتها لم تطلب من أوكرانيا دفع غرامات مماثلة . كما لم يعرف بدفع غرامات كهذه من قبل المستهلكين الاوروبيين الذين انخفض استهلاكهم ضعفا. وأفادت يوم 10 أبريل/نيسان شركة "انترفاكس" الروسية نقلا عن مصادرها بان شركة " غازبروم" ستطلب دفع غرامات من اوكرانيا. غير ان اي طرف من الطرفين لم يؤكد هذه المعلومات.
ليست روسيا بحاجة في الوقت الحاضر الى تفاقم النزاع في موضوع الغاز مع تركمانيا نظرًا لانها يمكن ان تغدو عرضة لادعاءات في أثناء المؤتمر
" الاستقرار والامن في نقل موارد الطاقة ودورهما في ضمان النمو الدائم والتعاون الدولي" الذي سيعقد في 23-24 ابريل/نيسان في عشق اباد والذي يقوم قربان قولي بيردي محمدوف بالدعاية له على نطاق واسع . زد على ذلك ان استفحال النقاش بين الجانبين من شأنه أن يؤثر سلباً بالنسبة لروسيا على نتائج القمة الخاصة بمشروع "نابوكو" التي ستعقد في براغ يوم 7 مايو/آيار . والجدير بالذكر ان هذا المشروع يشكل تهديدا رئيسيا لاحتكار روسيا لسوق الغاز الاوروبية.
موضوع: روسيا جاهزة لاقتناء نسبة 10% فقط من الغاز التركماني 
الإثنين يونيو 01, 2009 9:54 pm
