كشفت دراسة مسحية، هي الأولى من نوعها، عن الأوضاع المعيشية والاقتصادية والاجتماعية والصحية في قطاع غزة بعد ستة أسابيع من انتهاء الحرب الإسرائيلية على القطاع، أن النساء الحوامل كن ضحايا غير مرئيات للأزمة الإنسانية التي نشأت بسبب العدوان الإسرائيلي.
وقالت ممثلة صندوق الأمم المتحدة للسكان في الأراضي الفلسطينية باربرا بيتاسا جورجي في مؤتمر بمدينة البيرة بالضفة الغربية للإعلان عن نتائج المسح إن النساء الحوامل هن الضحايا غير المرئيات لهذه الأزمة، وإن أربعة من كل عشرة نساء حوامل في قطاع غزة حال الهجوم الإسرائيلي دون حصولهن على الرعاية الطبية اللازمة أو لم يحصلن عليها في الوقت اللازم أثناء الحرب.
وأجري المسح بالتعاون مع معهد "فافو" النرويجي للدراسات الدولية على عينة أسرية مستندا إلى مقابلات مع نحو ألفي مواطن في القطاع، وغطى عمليات التهجير خلال العدوان والأضرار التي حدثت خلالها، والوضع الاقتصادي للمواطنين، والاحتياجات والمخاوف والأوضاع الصحية والنفسية الاجتماعية.
وفيما يتعلق بالتنقل والنزوح أثناء الحرب، أشار المسح إلى أن 72% من الأسر بقيت في منازلها، في حين غادرت 29% إلى أماكن أخرى، و28% من الأسر انتقلت إلى مكان آخر مؤقتا وعادت إلى منازلها لاحقا.
ممثلة صندوق الأمم المتحدة وممثل معهد "فافو" خلال تقديم نتائج الدراسة (الجزيرة نت)
منازل وعمالة
وذكر المسح أن 49% من المنازل لم تتضرر بسبب الحرب على غزة، في حين تعرضت 51% من منازل القطاع لأضرار، 27% منها لأضرار بسيطة و23% لأضرار يمكن إصلاحها، في حين تضرر 1% من المنازل بقدر لا يمكن إصلاحه.
وفيما يختص بالعمال أظهر المسح أن 75% من الأشخاص الذين تفوق أعمارهم 15 عاما لم يحصلوا على عمل أبدا منذ ما قبل الحرب، و22% حصلوا على وظيفة قبل يونيو/حزيران 2007، و19% كانوا يعملون حتى بداية العدوان و40% من الرجال كانوا يعملون قبل الحصار و33% منهم لديهم عمل الآن، في حين أن 94% من النساء لم يحصلن على عمل أبدا.
من جهة أخرى خلص المسح إلى أن الوضع الاقتصادي استمر في التراجع بالمقارنة مع ما كان عليه منذ ستة أشهر، إذ أفادت 63% من الأسر أن حالتها الاقتصادية ازدادت سوءا و35% لم تتغير حالتها، في حين أفادت 2% أن أوضاعها الاقتصادية تحسنت.
أما بالنسبة للمساعدات فأظهر المسح أن 48% من الأسر تسلمت مساعدات خلال الحرب و78% تلقت المساعدات خلال الأسابيع التي أعقبت انتهائها، ولم تتلق 17% من الأسر مساعدات منذ بداية العام الماضي.
وفيما يتعلق بأولويات الاحتياجات للمواطنين، أظهر المسح أن الأولوية الأولى تمثلت في المال بنسبة 39%، وغاز الطهي 20%، وإصلاح المسكن 16% والغذاء 12%.
جانب من مظاهر الدمار الذي خلفه العدوان على قطاع غزة (الفرنسية-أرشيف)
ليست الحرب فقط
وأوضح منسق أبحاث الشرق الأوسط في معهد "فافو" أوغي تيتنس للجزيرة نت أن الحرب فاقمت بشكل نوعي معاناة أهالي قطاع غزة، لكنها لم تكن السبب الوحيد في ذلك، حيث شكل الحصار المستمر منذ نحو عامين عاملا حاسما في تدمير حياة الناس.
وأضاف تينتس أن معهد فافو قام بمقابلات شخصية مع الناس قبل المسح، ووجه لهم سؤالا حول ما إذا كانت أولويتهم هي الحصول على الدعم لإعادة بناء منازلهم بعد الحرب، إلا أن الغالبية أجابوا بأن فتح المعابر ورفع الحصار سيمكنهم من بناء منازلهم بأنفسهم دون الحاجة لأموال الداعمين.
من ناحيتها، أكدت ممثلة صندوق الأمم المتحدة للسكان في الأراضي الفلسطينية باربرا جورجي أن هذه الدراسة ستساعد الصندوق على التدخل لإعادة بناء المنشآت والمراكز الصحية تحديدا، وضمان حصول النساء على العناية الصحية بالإضافة إلى تصميم برامج الصحة النفسية للنساء والشباب خاصة.