أي إنسان يشاهد عائلة أريك تتنزه في أرياف الريف الاسكتلندي وهما يمارسان هواية تسلق الجبال بجانب ممارسة هواية التزحلق علي الجليد – ويجلسان ليرتاحان ويأكلان مشوي لحوم الأبقار ولحوم الأسماك، يلهوان ويمرحان ويلاعبان طفليهما الصغيرين في تخوم الغابة القريبة من منزلهما، فان آخر كلمة سوف تطرأ على باله كلمة مرض السرطان .
نسبة لشعور سارة ببعض الآلام في منطقة العنق والحلقوم – راجعت الطبيب الأخصائي في أمراض الآذن والأنف والحنجرة – ولدهشتها الشديدة ودهشة زوجها أخبرها الطبيب بأنها مصابة بمرض السرطان، خاصة وأنها صغيرة السن ولم يبلغ عمرها آنذاك إلا السابعة والعشرين عاما .
هاجم مرض السرطان غدتها الدرقية، وفي هذا الصدد يقول زوجها أريك " دهشنا كثيرا ولفنا الحزن وكبلنا الألم لفترة ولكننا أفقنا بسرعة نسبة لمشاعرالحب العميقة التي تجمع بيننا وروح التفاؤل الذي يملا جوانحنا .
ولما بلغ عمر أيما العامين أصيبت أمها سارة بموجة خطيرة من الآلام مما استدعي نومها بالمستشفي – حيث أقر الطبيب المعالج ضرورة العلاج المكثف بالمستشفي حيث أخبرها بأن المرض انتشر في الغدة الدرقية وفي كل الأوردة والشرايين التي من حولها.
مكثت سارة بالمستشفي نحو الشهر في علاج مكثف وفي أثناء العلاج أخبرها الطبيب المعالج بأنها حامل للمرة الثانية .
عانت سارة كثيرا أثناء فترة حملها الثاني لأن المرض قد أنهك جسمها بجانب الحمل مما جعلها منهكة الجسم لا سيما وأنها كانت تتعالج بواسطة الأشعة الكيماوية والتي يعرف عنها أنها تضر بصحة الطفل .
وتتحدث سارة عن الظروف التي مرت بها أثناء حملها الثاني " لم أتخيل أن أحمل مرة أخرى أثناء مرضي، ولكن الحمل جعلني أتفاءل أكثر بحياتي القادمة، خاصة وأنني أحب الأطفال بجميع أنحاء العالم فما بالك بأطفالي، ولقد عزز قولي تواجد طفلتي الأولى التي ملأت حياتنا حبا وفرحا – ولهذا فإنني شعرت بأن الله أحبني أكثر مما كنت أتوقع بأن منحني هذا الطفل الذي يعشش في أحشائي , وأن موتي سوف يشقيه ويشقيني ويجعله يواجه الحياة وحيدا بلا أم , ولهذا دعوت ربي العيش لأجل إسعاد هذا الطفل الحبيب ."
ونسبة للتأثير المباشر للأشعة الكيماوية التي أتعالج بها فقد قررت التوقف عن العلاج بها، ولهذا فقد قرر طبيبي المعالج بضرورة إجراء عملية في الغدة الدرقية – طمأنني الطبيب على سلامة العملية ولكن حينما شخص العملية وجد أن هنالك نحو 44 عقدة ليمفاوية يجب إزالتها من عنقي .
أثناء نومي بالمستشفي توفي عدد كبير من نزلاء المستشفي – حيث معظمهم مصاب بمرض السرطان – انتابني شعور رهيب بالخوف وأنني سوف أتوفى كما توفي كل من حولي – وأصبحت كالسجين في السجن الخاص بالمعدومين ولم ينفذ فيه حكم الإعدام بعد .
حينما سمع والدي سارة بخطورة مرض سارة، حضروا من بلدتهم ليقفوا معها ومع زوجها أريك، و أثناء علاج سارة بعد العملية، مرض والدها مما جعل موقف أريك صعبا لا سيما وأنه مشرف على زوجته بجانب والد زوجته.
شعرت سارة بصعوبة موقف زوجها فأخبرته بقرارها بالخروج من المستشفي فورا، رفض طلبها في بداية الأمر ولكنها أصرت عليه، فرضخ بعد يومين، ووافقها الرأي .
يقع منزل أريك وسارة زوجته بالريف الاسكتلندي الجميل حيث الاخضرار يملأ كل الساحات بجانب الجبال والمرتفعات بجانب بعض الغابات المتناثرة بالمنطقة، وبما أن سارة فتاة ريفية فإنها تعشق حياة الريف وتحب المرح والتنزه في الهواء الطلق فقد وضع لها زوجها أريك برنامجا شيقا للخروج اليومي للتنزه وتسلق الجبال وهي الرياضة التي تعشقها بجانب التزلج على الجليد , وزيارة بعض الغابات التي ليست بعيدة عن منزلهم.
تقول سارة عن استمتاعهما بهذه الفترة " إننا كنا نفرح ونمرح في الهواء الطلق ، وفي معظم رحلاتنا البرية كنت أحمل في حقيبتي الصغيرة لحوما أحيانا وسمكا أحيانا أخرى، وكنت أمتلك شواية صغيرة سريعة التجهيز، كنا نجلس ونحن جوعى لتناول طعام الغداء، كنا سعيدين وفرحين طوال الوقت والضحك لا يفارق ثغورنا، وشعرت في تلك الفترة أني أولد من جديد مع صغاري الحلوين من حولي.
كل هذه المشاعر النبيلة والفرحة هي التي ساعدتني على قهر أخطر الأمراض وأشرسها والتي فشل الطب الحديث في اكتشاف علاج له حتى الآن