أيها الحائر ... أيهما أخطر الذباب أم الزبالة .. ؟؟؟
--------------------------------------------------------------------------------
أمر مضحك و مثير لكوامن النفس الساخرة ...!!
أيها الحائر إلى اليوم ... و تخشى أن تختار الطريق الصعب ... لا تستغرب أو يستبد بك الشتات الذهني ... الدين هكذا ... طريقته في التفاعل مع الحياة سلبي و رجعي دائماً ... دعونا من الكلام الإنشائي الذي صم آذاننا بإن الدين صالح لكل زمان و مكان بصورة ذكيّة ... و أن الدين يتفاعل مع الواقع بشكل سريع و إيجابي و ذكي ... و بأن الدين في صلبه و لبّه لا يعارض الجديد بل يتماهى معه و يتفاعل مع شروطه و معطياته ... دعونا من كل هذا ... لأنه كلام غير واقعي و لا منطقي و لا مقنع أبداً ... أتدرون لماذا ؟؟ ... لسببين :
السبب الأوّل : أن الدين لا يمكن معرفته إلا من خلال نصوص و مرويّات ... و حديث و كلام فقط ... وسيلة التواصل معه نظام واحد فقط هو نظام القول و الكلام ... و الشغف بذلك يعتبر من فضائل الأمور و أعزها في نظر الدين ... فتجد أن أكثر العلوم الدينيّة و أعزّها و أجملها عند معتنقي الأديان ... هي علوم الرواية و تناقل الكلام و تنميقة و البحث فيه و التقرّب إلى المتعالي به ... و يكفي بهذا السبب أن تعرف كيف ستكون عقليّة و منطق رجال الدين الذين هم السدنة لهذا الدين و المدافعين عن غباواته المقززة ... إن هذه العقليّة و بسبب تقديسها للقول و الكلام المروي ستكون من ألد أعداء الصيرورة و التقدم الحضاري و الفكري و السلوكي ... فالكلام سكون و الصيرورة حركة ... فالفضلية هي القول المروي ... و هذا القول المروي يحوي كل بديع و جميل و مقنع و منطقي من أفكار ... و هذا القول المروي ليس منتوج حداثي واقعي ... بل هو منتوج قديم تاريخي ... لذلك من الرذيلة أن تنطلق من خارج هذا القول المروي ... من الرذيلة أن تعطي إعتباراً للقيم الطبيعيّة في الإنسان التي بإمكانها تفسير الطبيعة و أحداثها و إقتراح حلول و أحكام جديدة ... من الرذيلة أن تنظر للغريزة البشريّة و قوّة حب الحياة لديه نظرة إيجابيّة و تسامحيّة ... من الرذيلة أن تنفي النقص عن قدرة الإنسان على التفاعل ... من الرذيلة أن تنفي صفة الكمال عن الماضي ... ان القول المروي نعي و رفض للحياة ... أنه لعن للفكر و صيرورته ... إنه صد عن الحياة و تحفيز للموت ... إنه أسلوب و طريق يستخدمه كل ذكي لإفساد عقول الناس و إشغالهم به عن كل مجد إنساني بحيث لا يترك لهم وقت للبحث الحر و الطبيعي ... إنه يملأ رؤوس المشتغلين به و المهووسين به غروراً و جهلاً ... و غرور الجاهل يحرمه من الإنتفاع بمواهبه !!
السبب الثاني : أن الطريق لمعرفة هذا القول المروي طريق خاص ( سبيشل ) ... لا يحق للإنسان أن يشكك فيه أو يتأكد من منطقيته و معقوليّته ... بل يجب عليه أن يخضع له و يؤمن به و يدعوا له دون سؤال و تدقيق ... أسمع و أطع !! ... هذه كل فلسفة – هذا إذا كان هناك فلسفة – الدين ... السمع هو أسمى صفة يتصف بها كل طالب نجيب و مخلص عند سدنة هذا الدين ... السمع يعني أن تتخيّل أن القول الذي يقال هو نفس الكلام و القول الذي خرج من شفتي الله ... هو هو !! ... ياله من مكسب و شرف أن تسمع ما نطق به الله !! ... شرف لا يدانيه شيء ... حتى الله ذاته !! ... إن الطريق سليم ... و القول سليم ... هذي كلها فلسفة الدين !!
أيها الحائر ... لا تلم الكهان أو المتدينين ... الذين ليس لهم وجود خارج الدين و أفكاره ... لا تلمهم إذا قالوا لك : أن هذا الشيء صحيح و هذا الشيء خطأ ... و بعد فترة ... ينقضون ما قالوه ... و يعكسون الحكم ... لا تلمهم ... و لا تعنّف عليهم ... و لا تشمت بهم ... بل وجه نقدك لهذا الدين ذاته ... هذه الطوابير الطويلة و المملّة و المغبّرة من المرويّات التي هي لب الدين و عموده الفقري ... أنظر لها من علِ ... لا تثق بها ... حاول أن تسخر منها كما سخرت من عقول البشر لمئات السنين ... اسكب عليها من ماء السماء ... ماء الغيوم المتولّدة من رحم الحضارة و الفكرة الحديثة ... أرجوك ... لا تعنّف الذباب ... فالذباب برييء ... بل عنّف تلك الزبالة التي جعلتها تجتمع !!!!
هجاء الدين بكافة خزعبلاته ... يعني أنك ستقف ... أو بمعنى أصح ستنبه الأجيال القادمة على أن تقف في صف حياتها ضد صف الموت ... المسمى ديناَ .. !!
تحتاج للبحث ... و الشجاعة فقط ... لكي تتخلّص من حيرتك ... يا حائر